X إغلاق
X إغلاق
الرئيسية | من نحن | أعلن لدينا | اتصل بنا | ارسل خبر      18/05/2024 |    (توقيت القدس)

النجدة... النجدة... النجدة

من : قسماوي نت
نشر : 10/02/2013 - 16:20

النجدة... النجدة... النجدة

لشيخ رائد صلاح- رئيس الحركة الاسلامية في الداخل الفلسطيني


بعد أن نشرت المقالة الثالثة تحت هذا العنوان (النجدة... النجدة... النجدة) جاءتني ردود أخرى على تلك المقالة، حيث أكد لي البعض أن جهاز المخابرات قد استدعاهم للتحقيق في مدينة (خ). وهذا يعني أن نصب شباك الصيد لإيقاع أكبر عدد من (الضحايا) منا فيها لا يزال مستمرًا، وهذا يعني أن هذه (المعركة القذرة) لا تزال تستعر ضدنا، ولا تزال المخابرات تقودها، ويبدو أنها وفق وهمها وشطحاتها تقودها إلى ما لا نهاية، ويبدو أنها تطمع أن تدمر حياتنا وأن تواصل تدميرها إلى ما لا نهاية. ولقد استوقفتني مجموعة أسئلة أظنها هامة وأنا أتأمل حيثيات هذه (المعركة القذرة) التي تقودها المخابرات حيث سألت نفسي وقلت: إن من المعروف للقاصي والداني أنه لا يوجد في مسيرة مجتمعنا في الداخل الفلسطيني (تنظيمات عسكرية)، بل لا يوجد فيه (تنظيمات سرية)، حيث أن كل عمل الأحزاب والحركات الفلسطينية في الداخل الفلسطيني مكشوف ومعلن عنه في الصحف والمواقع بشكل متواصل، فلماذا تصر المخابرات على تجنيد عملاء لها لرصد هذه الأحزاب والحركات؟! ولماذا تصر المخابرات على اختراق هذه الأحزاب والحركات ومحاولة زرع بعض عملائها فيها؟! ثم سألت نفسي وقلت: لماذا تسعى المخابرات إلى إسقاط بعض الطلاب من مدارسنا في الداخل الفلسطيني وتحويلهم إلى عملاء؟! وهل المطلوب منهم أن يتجسسوا على سائر زملائهم من الطلاب؟! أم المطلوب منهم أن يتجسسوا على بيوتهم وآبائهم وأمهاتهم وإخوتهم وسائر أقاربهم وأصحابهم؟!! أم المطلوب أن يتحولوا إلى جواسيس فقط ليصبحوا جواسيس وهذا هو المطلوب فقط في حسابات المخابرات؟! أم أن هناك مهمات خارجية تنتظرهم قد تكون في شرق الأرض أو في غربها؟! هي أسئلة كثيرة وهي تأملات كثيرة في حيثيات هذه المعركة القذرة دفعتني أن أسجل هذه الملاحظات:
1. بعد أن نشرت المقالة الثالثة حدثني أحد الممثلين لإحدى التنظيمات في الداخل الفلسطيني أن أحد النشطاء في تنظيمهم بعد أن لمع اسمه وامتد دوره من الدور المحلي إلى الدور القطري، انقلب فجأة وأصبح في حال غير الحال الذي كان فيه، وفي سلوك غير السلوك الذي كان فيه، وبات عنصرًا سلبيًا جدًا لا يؤمن جانبه، ولا يوثق بكلمة من أقواله، وبات يبدو عليه أثر التبذير المالي الكثير، حيث لا يعلم تنظيمه مصدرًا لهذا المال، وبات يدّعي ما ليس فيه، لدرجة أنه أعطى لنفسه بُعدًا عالميًا وهميًا بهدف أن يعينه هذا الوهم على بناء أوسع شبكة علاقات محلية ودولية، ولذلك بات هذا التنظيم على يقين أن هذا الناشط الذي انقلب على عقبيه من المرشحين أن يكونوا قد تحولوا إلى (ضحايا) في هذه المعركة القذرة التي تشنها المخابرات علينا في الداخل الفلسطيني، وهو الآن في دائرة الخطر على صفاء الانتماء.
2. ثم اتصل أحد الأهل وحدثني عن قريب له كان لامعًا في المدرسة، وكان مرشحًا أن يواصل دراسته الجامعية بنجاح باهر، إلا أن المخابرات عرقلت كل فرصة لقبوله في الجامعة إلا إذا انضم إلى حظيرة العمالة والجاسوسية، فرفض وراح يعمل في إحدى الشركات، فلاحقته أجهزة المخابرات، وراحوا يهددونه بطرده من العمل إذا لم ينضم إلى حظيرة العمالة والجاسوسية.ولما رفض طردوه من عمله، ثم واصلوا محاولة إسقاطه، فلما ضاق عليه الأمر راح يهددهم أنه سيكشف كل ما وقع عليه لوسائل الإعلام، فتخلوا عن مطاردته.
3. ثم اتصل أحد الأهل وحدثني عن طالب ثانوي لامع في الدراسة، تقدم لدراسة الطب وحصل على علامة لامعة في امتحان الذكاء، وكان من المتوقع أن يبدأ دراسة الطب في جامعة (ت) إلا أن الجامعة قالت له إنه رسب في المقابلة التي أجرتها معه!! وفجأة اتصل به أحد العاملين في المخابرات وعرض له بلا تردد أن ينضم إلى حظيرة العمالة والجاسوسية وسيُقبل فورًا في جامعة (ت).
4. وما قيل لي هي أمثلة مأساوية على طبيعة هذه المعركة القذرة، التي باتت تستهدف كل شرائح مجتمعنا في الداخل الفلسطيني، وهذا ما قوى في داخلي هذه التساؤلات التي ذكرتها في بداية هذه المقالة والتي باتت مُلحة، وبات البحث عن أجوبتها ملحًا: ماذا تريد المخابرات من وراء هذه المعركة القذرة التي استباحت فيها كل شيء.
5. إن من الواضح أن المخابرات باتت تتعامل مع جيل الطلاب، الذين تسعى إلى إسقاطهم على قاعدة (الأرض المحروقة)؛ بمعنى أن أقل ما تهدف إليه من وراء إسقاط هذا الطالب الذي هو في بلدة (ع) أو (ل) أو (د) هو حرق هذا الطالب، وحرق طاقاته، وحرق فرصة الخير التي يمكن أن يؤديها لخدمة مجتمعنا في الداخل الفلسطيني، وبذلك نخسر موهبة من المواهب اللامعة التي كان في الإمكان أن تكون طبيبًا أو باحثًا أو مخترعًا، وهي وسيلة من وسائل تكريس الدونية في مسيرة الحركة الطلابية والجامعية في الداخل الفلسطيني من قبل المخابرات.
6. ثم إن من الواضح أن المخابرات باتت تطمع بالحد الأدنى من الأهداف من وراء إسقاط كل (ضحية)، وهو تحييد هذه (الضحية) عن أداء الدور المطلوب المفروض عليها وعلى كل فرد في مجتمعنا الفلسطيني ألا وهو الوقوف في وجه الظلم الإسرائيلي والعنصرية الإسرائيلية والاضطهاد الديني الذي لا تزال تمارسه المؤسسة الإسرائيلية نهجًا ضدنا منذ بداية نكبة فلسطين حتى هذه اللحظات، ويبدو أنها لن تتوقف عن هذا النهج بل هي في حالة تصعيد في هذا النهج ضدنا.
7. ثم إن من الواضح أن المخابرات باتت تطمع في تعميق (تفكيك) قوة رباط مجتمعنا في الداخل الفلسطيني، حيث أن زيادة عدد (ضحايا) هذه المعركة القذرة تعني زيادة عدد من أدخلتهم المخابرات إلى حظيرة العمالة والجاسوسية، وإن زيادة عدد هؤلاء يعني تدمير صفاء الروابط الاجتماعية في الداخل الفلسطيني، وتحويل مجتمعنا من جسد واحد إلى أعضاء مفصولة عن بعضها، ثم تحويل كل عضو منها إلى شظايا لا وزن لها ولا قدر ولا قيمة. وهذا يعني أن المخابرات تطمع في تحويل كل فرد في مجتمعنا إلى عنصر أناني قائم بذاته يقوم على قاعدة (أنا) وليس على قاعدة (نحن)، وهو التمزق الذي ما بعده تمزق، وهو التشرذم والوهن والخراب.
8. ثم إن من الواضح أن المخابرات تطمع من وراء ذلك في تدمير عنصر (الثقة) بين أفراد مجتمعنا في الداخل الفلسطيني وإشاعة مقولة (الجدار له آذان يسمع بها)، ثم إشاعة مقولة (المخابرات تعرف عنك أكثر مما تعرف عن نفسك)، ثم إشاعة مقولة (لا تثق بأخيك ولا ابن عمك)، وإذا ما انتزعت المخابرات (الثقة) من بيننا فما أسهل أن تشيع بيننا مقولة (حط راسك بين الروس وقول يا قطاع الروس)، ثم إشاعة مقولة (إمش الزيق الزيق وقل يا رب الستيرة)، ثم إشاعة مقولة (بوس الكلب من فمه حتى تأخذ حاجتك منه)، وهكذا هناك محاولة إلى دفع مجتمعنا في الداخل الفلسطيني كي يستبيح كل شيء!! وأن تصبح الأمانة والخيانة في حسه سواء!! وأن تصبح العمالة وجهة نظر، وأن تتحول الجاسوسية إلى عمل مشروع للوصول إلى أية مصلحة، وأن تقوى القابلية للانخراط في الخدمة المدنية وفي الخدمة العسكرية، بل في الخدمة المخابراتية.
9. ثم إن من الواضح أن المخابرات تطمع من وراء ذلك في إشاعة ثقافة الإحباط واليأس والخنوع والتبعية، فإن سعي المخابرات إلى تجنيد أكبر عدد في حظيرة الجاسوسية يعني سعيها إلى تفكيك مجتمعنا كما أوردت سالفًا، ثم سعيها إلى تدمير عنصر (الثقة) بيننا، وكل ذلك يعني محاولة إيصالنا إلى مرحلة الإحباط المطلق والاستسلام المطلق ورفع أكثر من راية بيضاء في نفس اللحظة، وكأنه لا أمل للوقوف في وجه مصادرة أرضنا وهدم بيوتنا وتدنيس مقدستانا، وكأنه لا أمل في أي عمل جماعي حزبي أو حركي أو مؤسساتي، وكأنه لا قيمة لعطاء أو بذل أو تضحية، وكأنه ليس في الإمكان أحسن مما كان، وهذا يعني أن المخابرات تحاول دفعنا كي يكون أسمى ما يحلم به أحدنا هو أن يوفر لنفسه طعامه وشرابه ثم على الدنيا السلام!!.
10. ثم إن من الواضح أن المخابرات تطمع من وراء ذلك إلى استخدام أكبر عدد من (الضحايا) ممن دخلوا حظيرة العمالة والجاسوسية ليتحولوا إلى جنودها المطيعين لأوامرها، حتى تعمق من خلالهم تفكيك مجتمعنا يومًا بعد يوم!! حيث أنها ستجد في هذا العدد من الضحايا خير من تأمره –وفق حساباتها- لنشر المخدرات فينا!! أو نشر فوضى السلاح فينا!! أو توسيع مسطح العنف فينا!! أو مضاعفة ويلات العنف فينا!! وإن من الواضح أن كل هذه الخدمة القذرة، التي قد يؤديها هؤلاء الضحايا، ستقود إلى مضاعفة حدة التفكك في مجتمعنا وعرقلة أية مبادرات لإنقاذ مجتمعنا مما هو فيه.
11. ثم إن من الواضح أن المخابرات تعمل على إسقاط البعض منذ مرحلة الفتوة بهدف أن تصنعهم على عينها، وأن تأمرهم باختراق الأحزاب والحركات في الداخل الفلسطيني كيما يتغلغل أحدهم في الحزب الفلاني أو الحركة الفلانية، ثم يواصل تغلغله وتثبيت دوره ومضاعفة تأثيره حتى يترقى في مناصب هذا الحزب أو تلك الحركة. ومن يدري؟ لعله يصل إلى دائرة صنع القرار، وبذلك يؤدي دور توجيه هذا الحزب أو تلك الحركة، أو على الأقل التأثير الهام والمباشر في توجيه هذا الحزب أو تلك الحركة، وفق توجيه من المخابرات، وهكذا تضمن المخابرات لنفسها أن تقود هذا الحزب أو تلك الحركة من خلال هذا الضحية، وهكذا تضمن المخابرات لنفسها أن تقود تلك الجماهير التي التفت حول هذا الحزب أو تلك الحركة من خلال هذا الضحية، وهكذا تضمن المخابرات لنفسها أن تقبض على مقود هذا الحزب أو تلك الحركة وأن تسير بالأعضاء والأتباع وفق ما تريد من خلال هذا (الضحية)!! نعم هكذا تخطط المخابرات، وهكذا تحلم، وهذا تحاول طامعة أن تحققه!! وهكذا تطمع أن تقود مجتمعنا في الداخل الفلسطيني وفق هواها!! تمامًا كما ورد في المثل: أن تقود الثور من قرنيه!! هذا قمة ما تصبو إليه المخابرات، ولا أشك أنها لا تزال تبذل جهدها المجنون لتحقيق هذه الأهداف!! ومن يدري؟ لعلها تطمع أن يصل مستوى الضحية التي رفعتها في هذا الحزب أو تلك الحركة إلى أن ترفع الجماهير هذه الضحية على الأكتاف، وأن تطوف بها، وأن تخلع عليها مسوح الثورية والوطنية والتقدم والفصاحة والبلاغة والوعي، وهكذا تطمع المخابرات أن يصل الحال بنا كما قال الشاعر: (صنم يقود جموعهم يا للخجل)!! وهكذا تطمع المخابرات أن تصادر عقولنا وعواطفنا وحواسنا ومشاعرنا وآلامنا وآمالنا، بعد أن صادرت المؤسسة الإسرائيلية أرضنا ومقدساتنا!! وهكذا تطمع المخابرات أن تهدم حاضرنا ومستقبلنا بعد أن هدمت المؤسسة الإسرائيلية من بيوتنا ما هدمت!! ومن يدري؟ لعل المخابرات تطمع أن يصل مستوى الضحية التي رفعتها في هذا الحزب أو تلك الحركة إلى أن تعلق الجماهير صورة هذه الضحية على جدران البيوت وعلى لافتات الشوارع. وهكذا تطمع المخابرات أن تختلط الأمور على الجماهير وتفقد القدرة على التمييز بين الأمين والخائن، وبين الوطني والعميل، وبين الثقة والجاسوس، وهذا ما يجعلني أؤكد لكل الحركات والأحزاب في الداخل الفلسطيني أننا في ظرف لا نُحسد عليه، وأننا مطالبون أن نضبط الأوضاع الداخلية صافية كما يجب في مسيرة كل حزب وحركة في الداخل الفلسطيني.
12. ثم إن من الواضح أن المخابرات تعمل على إسقاط أكبر عدد من الضحايا، ثم محاولة دفع البعض منهم إلى محاولة تقلد أكبر عدد من المناصب الاجتماعية والإعلامية والمهنية، كي تواصل المخابرات الامتداد من خلالهم في عصب حياتنا، وعلى سبيل المثال فإن المخابرات تطمع من خلال (ضحية من ضحاياها) تَقَلّد على غفلة منا منصب إعلامي أن تصنع من خلاله ما تشاء من الأحداث، وأن تصنع من خلاله ما تشاء من الأشخاص، وأن تحاول نزع الشرعية من خلاله عمن تشاء من أحزاب أو حركات أو مؤسسات أو أشخاص، وأن تحاول من خلاله الترويج لكل فكرة تلامس هواها ووأد كل فكرة تصطدم مع حسابات ربحها وخسارتها، فهي معركة قذرة لن تهدأ ما دامت هناك هذه المخابرات التي لا تزال ترى فينا -وفق ما صرح بعضها- "سرطانًا في جسم المؤسسة الإسرائيلية وطابورًا خامسًا يهدد يهوديتها"!!.

لارسال مواد واخبار لموقع قسماوي نت البريد: info@kasmawi.net

اضف تعقيب

ارسل