ألهانا الهواء... (عن الهوائيات , وجريمة الصبر) - بقلم : غسان عبد الرحمن

ألهانا الهواء                  

            (عن الهوائيات , وجريمة الصبر)           

لنفترض ان الذئاب لن ترحم الاغنام ولن تبالي بعذاباتها ولنفترض ان  موتى القلوب وحثالة الأمه سيصرون على جرائمهم وعلى هذه المجزرة التي يواصلون ارتكابها بحق اهلهم بحجة ان الدماء لا تسيل وان الجميع ينامون ويصحون كالعاده (او هو ما يخيل لهم ) ..

فهل يخرج الرّعاة وزعماء المدينة وحراسها وشيوخها ووجهاؤها من هذه القضيه ابرياء مطهّرين ؟؟!

وأين كانوا وفيمَ كانوا منشغلين منذ ان ضرب الداء اطنابه وتفشّى وهم المسؤولون المتمكنون وبيدهم مقاليد الامور والاختام ومكبرات الصوت والمفاتيح المحركه , وبيدهم حتى ان يسنّوا (القوانين المساعده)ويمنعوا العابثين من ان يسرحوا ويمرحوا .. ولكنهم كانوا في طغيانهم يعمهون .. في مهازل ومنازل يعرفها الجميع ..

الحق اقول لكم اِنّ هؤلاء هم الداء وانهم اعجز من أن ينقذوا وجوههم فكيف نرتجي منهم ما قد نرتجيه .. وكيف انتظرنا وصبرنا كل  هذه المدّه .. على السابقين واللاحقين .

امّا اللاحقون فلم يتحركوا (او هو ما يبدو) الاّ بعد انطلاق حملة الشباب المباركه فنرجو ونرجو الاّ يخيب ظننا وأن يفهموا خطورة الموقف وخطورة المهمه الملقاه عليهم .. وأِلاّ .. فالويل لنا جميعاّ ..

{واماّ السابق المنصرف فقد افنى خمس سنين من عمره في قيادة السفينه (وتجهيزها للشطب) والشباب يناشدونه ويحثّونه ولا حياة , وها هو الان يزلف احياناً الى خيمة الاعتصام موسوِساً ان الحل كله بيد الرئيس .. فيا لها من مفارقه ويا لها من هيئه !! }

أِنْ يكنْ ذلك صبراً فأِنّه ولا ريب صبر قبيح ذليل ..

وهذه الكلمات تنهال عليَّ بعد ان حضرتُ مساء الجمعه الى خيمة الاحتجاج  ضد  الهوائيات القاتلة , وقد أذهلني ما سمعته وسمعه الحضور الهزيل للاسف من كلام الأخ علا عامر  قال فيه  ان نسبة قوة الاشعاعات المنبعثه في أجواء بلدنا كفر قاسم ( وفقاً لمعطيات دقيقه من وزارة البيئه ) تفوق  النسبه الموجوده في مدينة تل ابيب ب 240 ضعفاً !!  فلا حول ولا قوة ..

معنى ذلك أنّ مصدر الخبال والخلل والاختلال قد عُرِف  وأنّ البلد (بغير فلسفه) غير صالح للسكنى بملء معنى  الكلمه , وأنّ الأمر لا يحتمل الهوينى والهوان والتهاون وحكّ الانوف وجرّ ألاذيال حتى تتفضّل الشركات وتصدع , وتتخذ الاجراءات الممكنه , وحتى يتفق الغول مع الفريسه على الصيغه المناسبه لأكلها .

(مع العلم أن اضرار هذه الكارثه لا تقتصر على داء السرطان فحسب فليسأل السائلون أهل الذكر عنها ) ..

لا أبالغ اذا قلتُ :

درْء المفاسد قبل أِقامة  الصلوات (الفاترة) ,وقطع  دابر  الشر قبل تزفيت الشوارع وقبل تنظيم المهرجانات وتوزيع الغنائم وتغيير مدراء العشائر السائبه .

وأِلاّ فكيف سنصلّي ونحن سكارى .. وكيف سنجلس على المقاهي كراماً مطمئنين .. وكيف سننظر في عيون أطفالنا وكيف سنستقبل رمضان الكريم والعيد السعيد من بعده ؟!

العجيب المبهم في هذا الشأن أننا لم نعلن حالة الطوارئ حتى هذه اللحظه رغم كل الضحايا والاصابات المعروفه والخفيه .. وأننا مستعدون للانقضاض على الأزعر  البسيط بكل  عنفوان وقوة , لكننّا ولسبب الجبن أو الجهل ( أو كلاهما معاً) نتريّث وننكمش امام المجرم الخطير الذي يحميه القانون أو  يهمله ..

أِنّه يتحدّى الله وينتهك قدس الأقداس ويهزأ بأرواحنا وألامنا ويهزأ بوفود (اهل الخير) الذين تركوا الأمر لله في النهاية ,

ولكن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا  ما بأنفسهم  , وحتى يختاروا الحياة وحتى يتذكّروا أن أمهاتهم قد ولدْنهم أحراراً ’ وأن بأيديهم أن يعمروا بيوتهم او يخْربوها .

والان تذكَرتُ ..

يوماً رحمه الله ورحم بلداً هبّ في ذلك يوم (قبل ما يقارب الأربعين عاماً) هبّةً شجاعه واحده فدمّر ال (كبشان-כבשן) الملوث في الطرف الشمالي الغربي للبلد , وبذلك انهى المشكله في غضون ساعه ..

وما كانت أِلاّ  صيحةً واحدة . ولكنّ الوضع  اليوم هو غيره . وقد تشعّب وتداخل وتشابه بحيث لم نعد ندري هل نحن مستيقظون  أم أننا نمشي نياماً .

بقلم : غسان عبد الرحمن