X إغلاق
X إغلاق
الرئيسية | من نحن | أعلن لدينا | اتصل بنا | ارسل خبر      23/04/2024 |    (توقيت القدس)

الفصل الثاني من روائع الدولة العليّة العثمانيّة- الدكتور ابراهيم ابو جابر

من : قسماوي نت
نشر : 24/11/2014 - 23:01

كتاب : الدرر البهيّة من سيرة الدولة العليّة العثمانيّة.

المؤلف : أ.د. ابراهيم حسن أبوجابر

السنة : 2014م

 

الفصل الثاني

من روائع الدولة العليّة العثمانيّة

***********

الخلافة العثمانيّة

"عدل,عفو وتسامح"7/40!!*

ترجم سلاطين الخلافة الاسلامية العثمانية الاسلام واقعا على الارض, وساسوا به الناس من مسلمين واعاجم  ؛ هؤلاء السلاطين رغم نزعتهم التركية العسكرية اصلا الا ان التاريخ قد دوّن لهم مواقف مشرقة في ميادين عدة  كالعفو عند المقدرة, والعدل وان كان احد الخصمين سلطانا , والتسامح مع الاخرين وان كانوا اعداء ؛ كل ذلك وفق قواعد الاسلام الحنيف وحبّهم لله ورسوله , فها هي بعض ما ثبت من مواقف  بعض هؤلاء السلاطين:

 السلطان عثمان بن ارطغرل:

 حكم عثمان لبيزنطي نصراني ضد مسلم تركي، فاستغرب البيزنطي وسأل عثمان: كيف تحكم لصالحي وانا على غير دينك، فأجابه عثمان: بل كيف لا أحكم لصالحك، والله الذي نعبده ، يقول لنا : " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" (سورة النساء، ) فكان هذا العدل الكريم سبباً في اسلام الرجل وهدايته وقومه.

 الملك الب ارسلان"التركي السلجوقي":

أسر المسلمون ملك الروم ارمانوس، فلما أوقف بين يدي الملك ألب أرسلان ضربه بيده ثلاث مقارع(عصي) وقال : لو كُنت أنا الأسير بين يديك ماذا كنت فاعلا بي؟ قال : كل قبيح، قال: فما ظنك بي؟ فقال: إما أن تقتل فتشهرني في بلادك، وإما أن تعفو وتأخذ الفداء وتعيدني. قال : ما عزمت على غير العفو والفداء. فأفتدى منه بألف ألف دينار وخمسمائة ألف دينار(مليون دينار ونصف). فقام بين يدي الملك وسقاه شربة من ماء وقبّل الأرض بين يديه، قبّل الأرض إلى جهة الخليفة إجلالاً وإكراماً، وأطلق له الملك عشرة ألف دينار ليتجهّز بها، وأطلق معه جماعة من البطارقة وشيّعه فرسخاً، وأرسل معه جيشاً يحفظونه إلى بلاده، ومعهم راية مكتوب عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله.

 السلطان محمد الفاتح:

أمر السلطان محمد الفاتح ببناء أحد الجوامع وكلّف أحد المعمارين الروميين بالأشراف عليه ، لبراعته، وكان من بين أوامر السلطان :أن تكون أعمدة هذا الجامع من المرمر وأن تكون مرتفعة…وحدّد هذا الارتفاع.. ولكن هذا المعماري لسبب من الأسباب أمر بقص هذه الأعمدة وتقصير طولها دون أن يخبر السلطان، وعندما سمع السلطان بذلك استشاط غضبًا، فأمر بقطع يد هذا المعماري
لم يسكت هذا المعماري عن الظلم الذي لحقه رغم ندم السلطان , فراجع قاضي اسطنبول ـ الذي كان صيت عدالته انتشر وذاع…فشكا إليه ما لحقه من ظلم…فلم يتردد القاضي في قبول هذه الشكوى، فاستدعى السلطان فعرض كل مظلمته, فقال القاضي: حسب الأوامر الشرعية، يجب قطع يدك أيها السلطان قصاصًا منك!!
ذُهل  المهندس الرومي مما سمع فقد كان أقصى ما يتوقعه التعويض المالي, وبعبارات متعثرة قال الرومي للقاضي: أن ما اريده منه هو التعويض المالي فقط؛ لأن قطع يد السلطان لن يفيدني شيئًا؛ فحكم له القاضي بعشر قطع نقدية لكل يوم طوال حياته، تعويضًا له عن الضرر البالغ الذي لحق به. وقرر السلطان أن يعطيه عشرين قطعة نقدية ..تعبيرًا عن ندمه كذلك.

 السلطان سليم الاول:

 علم السلطان (سليم الأول) أن الأقليات غير المسلمة الموجودة في (اسطنبول) من الأرمن والروم واليهود ، بدأت تثير بعض المشاكل  والقلاقل للدولة العثمانية ، فغضب لذلك غضباً شديداً ، وأعطى اوامره بضرورة اعتناق هذه الأقليات غير المسلمة الدين الإسلامي ، ومن يرفض ذلك يضرب عنقه. بلغ هذا الخبر شيخ الإسلام(زمبيلي علي مالي أفندي) ، وكان من كبار علماء عصره ، فساءه ذلك جداً ، لأن إكراه غير المسلمين على اعتناق الإسلام يخالف تعاليم الشرع وفق قاعدة( لا إكراه في الدين ) وإن كان السلطان نفسه. لبس الشيخ جبّته وتوجّه إلى قصر السلطان ، واستأذن في الدخول عليه ، فأذن له ، فقال للسلطان : سمعت أيها السلطان أنّك تريد أن تكره جميع الأقليات غير المسلمة على اعتناق الدين الإسلامي فقال: أجل .. إنّ ما سمعته صحيح .. وماذا في ذلك ؟فقال شيخ الاسلام :أيها السلطان إن هذا مخالف للشرع ، إذ لا إكراه في الدين ، ثم إن جدكم (محمد الفاتح) عندما فتح مدينة (اسطنبول) اتبّع الشرع الإسلامي فلم يكره أحداً على اعتناق الإسلام ، بل أعطى للجميع حرية العقيدة ، فعليك باتباع الشرع الحنيف ، واتباع عهد جدكم (محمد الفاتح). قال السلطان سليم وحدّته تتصاعد : يا علي أفندي ... يا علي أفندي : لقد بدأت تتدخل في أمور الدولة ... ألا تخبرني إلى متى سينتهي تدخلك هذا ؟
 فقال الشيخ :"إنني أيها السلطان أقوم بوظيفتي في الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وليس لي من غرض آخر ، وإذا لم ينته أجلي ، فلن يستطيع أحد أن يسلبني روحي" .فقال السلطان: دع هذه الأمور لي يا شيخ الإسلام, فقال: كلا أيها السلطان ... إن من واجبي أن أرعى شؤون آخرتك أيضاً ، وأن أجنّبك كل ما يفسد حياتك الأخروية ، وإن اضطررت إلى سلوك طريق آخر! - ماذا تعني ؟- سأضطر إلى إصدار فتوى بخلعك أيها السلطان ، بسبب مخالفتك للشرع الحنيف إن أقدمت على هذا الأمر.وأذعن السلطان (سليم) لرغبة شيخ الإسلام ، فقد كان يحترم العلماء ، ويجلّهم ، وبقيت الأقليات غير المسلمة حرة في عقائدها ، وفي عباداتها ، وفي محاكمها ، ولم يمسهم أحد بسوء ابدا.

السلطان مراد الثاني:
لما فتح السلطان العثماني مراد الثاني مدينة سلا  عام 1431 م وهزم البندقيين شر هزيمة ودخل المدينة منتصراً- أعلم الحاجب السلطان أن وفداً من مدينة (يانيا) قد حضر، وهم يرجون المثول بين يديه لأمر هام.. تعجب السلطان من هذا الخبر، إذ لم تكن له أي علاقة بهذه المدينة التي كانت آنذاك تحت حكم إيطاليا. أمر السلطان مراد رئيس حجابه بالسماح للوفد بالدخول عليه ، ثم قال لرئيس الوفد بواسطة الترجمان : أهلاً بكم ، ماذا أتى بكم إلى هنا ؟ وماذا تبغون ؟قال رئيس الوفد : أيها السلطان العظيم ، جئنا نلتمس منكم العون ، فلا تخيّب رجاءنا  !وكيف أستطيع معاونتكم ؟- يا مولاي، إن أمراءنا يظلموننا، ويستخدموننا كالعبيد، ويغتصبون أموالنا ثم يسوقوننا للحرب.- وماذا أستطيع أن أفعل لكم ؟ إن هذه مشكلة بينكم وبين أمرائكم.- نحن أيها السلطان لسنا بمسلمين، بل نحن نصارى، ولكننا سمعنا كثيراً عن عدالة المسلمين، وأنهم لا يظلمون الرعية، ولا يكرهون أحداً على اعتناق دينهم، وإن لكل ذي حق حقه لديهم.. لقد سمعنا هذا من السيّاح، ومن التجّار الذين زاروا مملكتكم، لذا فإننا نرجو أن تشملنا برعايتكم وبعطفكم، وأن تحكموا بلدنا لتخلصونا من حكامنا الظالمين.ثم قّدموا له مفتاح المدينة الذهبي.. واستجاب السلطان لرجاء أهل مدينة (يانيا)، وأرسل أحد قادته على رأس جيش إلى هذه المدينة، وتم فتحها فعلاً في السنة نفسها.

السلطان بايزيد:

اقتضى حضور السلطان بايزيد  للإدلاء بشهادة في أمر من الأمور أمام القاضي والعالم المعروف (شمس الدين فناري). دخل السلطان المحكمة ... ووقف أمام القاضي ، وقد عقد يديه أمامه كأي شاهد اعتيادي. رفع القاضي بصره إلى السلطان ، وأخذ يتطلع إليه بنظرات محتدة ، قبل أن يقول له : (إن شهادتك لا يمكن قبولها ، ذلك لأنك لا تؤدي صلواتك جماعة ، والشخص الذي لا يؤدي صلاته جماعة ، دون عذر شرعي يمكن أن يكذب في شهادته). نزلت كلمات القاضي نزول الصاعقة على رؤوس الحاضرين في المحكمة ... كان هذا اتهاماً كبيراً ، بل إهانة كبيرة للسلطان (بايزيد) ، تسمّر الحاضرون في أماكنهم ، وقد أمسكوا بأنفاسهم ينتظرون أن يطير رأس القاضي بإشارة واحدة من السلطان .. لكن السلطان لم يقل شيئاً ، بل استدار وخرج من المحكمة بكل هدوء, ثم أصدر السلطان في اليوم نفسه أمراً ببناء جامع ملاصق لقصره ، وعندما تم تشييد الجامع ، بدأ السلطان يؤدي الصلاة في جماعة.( 7)

لارسال مواد واخبار لموقع قسماوي نت البريد: info@kasmawi.net

اضف تعقيب

ارسل