X إغلاق
X إغلاق
الرئيسية | من نحن | أعلن لدينا | اتصل بنا | ارسل خبر      29/04/2024 |    (توقيت القدس)

قصص وعبر من سير سلاطين الدولة العليّة العثمانية =المؤلف : أ.د. ابراهيم حسن أبوجابر

من : قسماوي نت - أ.د. ابراهيم حسن أبوجابر
نشر : 17/01/2015 - 22:56

كتاب : الدرر البهيّة من سيرة الدولة العليّة العثمانيّة.

المؤلف : أ.د. ابراهيم حسن أبوجابر

السنة : 2014م

 

الفصل الخامس

قصص وعبر

 من سير سلاطين الدولة العليّة العثمانية15/40

*****************

السلطان سليمان القانونيّ

   وقصّته مع نمل قصر السلطان!!

يُروى عن السلطان سليمان القانوني الخليفة العثماني, أنّ موظفي القصر أخبروه باستيلاء النمل على جذوع

اﻷشجار في قصر "طوب قابي" وبعد استشارة أهل الخبرة خلص اﻷمر إلى دهن جذوعها بالجير ولكن كان من

عادة السلطان حين يقدم على أمر ٍ أن يأخذ رأي مفتي الدولة الذي كان لقبه الرسمي شيخ الاسلام. فذهب

إلى أبي السعود أفندي بنفسه يطلب منه الفتوى، فلم يجده في مقامه، فكتب له رسالة ببيت شعر يقول فيها:

إذا دب نمل على الشجر ** فهل في قتله ضرر ؟

فأجابه الشيخ: حال رؤيته الرسالة قائلا :

      إذا نُصبَ ميزان العدل **أخذ النمل حقه بلا وجل

في إشارة منه إلى ماهو أعظم وأهم. و هكذا كان دأب السلطان سُليمان، إذ لا يكاد يُنفذ أمرا إﻻ بفتوى من شيخ اﻻسلام أو من الهيئة العليا للعلماء في الدولة العثمانية.

 

*"التكية السليمانية"، سوريا ، دمشق.أمر سليمان القانوني ببنائها، وأكتملت في 1559.

تُوفي السُلطان في معركة – زيكتور– أثناء سفره الى فيينا فعادوا بجثمانه الى إسطنبول، وأثناء التشييع وجدوا أنه قد أوصى بوضع صندوق معه في القبر، فتحيّر العلماء و ظنوا أنه مليء بالمال، فلم يجيزوا إتلافه تحت التُراب، وقرروا فتحه.. أخذتهم الدهشة عندما رأوا أنّ الصّندوق ممتلئٌ بفتاويهم، حتى يدافع بها عن نفسه يوم الحساب. فراح الشيخ أبوالسعود مفتي الدولة العثمانية يبكي قائلا: لقد أنقذت نفسك يا سليمان، فأي سماءٍ تظلنا وأي أرضٍ تُقلّنا إن كنّا مخطئين في فتاوينا؟ هكذا كان العلماء !! وهكذا كان الحكام !!(20)

شجاعة السلطان

"عبد الحميد الثاني"!!

كثير من المؤلفات سواء الإنجليزية أو العربية، تذكر بأن السلطان عبد الحميد كان رجلًا جبانًا يخشى على حياته دائمًا من الاغتيال، ويفرض على نفسه عزلة دائمة، كما وجدت في وثائق الجزيرة الخاص بالسلطان، وهي من أبرز ما أفتُري على السلطان عبد الحميد دون دليل، بل العكس في هذا الأمر هو الصحيح.

وللتدليل على شجاعة السلطان -رحمه الله- هناك حادثتين وقعتا تشير إلى شجاعة السلطان ورباطة جأشه.

 أ- حادثة الزلزال الكبير: 10/7/1894

أولًا البداية بتلخيص وصف هذا الزلزال الذي سجل في التاريخ التركي باسم "الزلزال الكبير" من المؤرخ التركي الكبير "حامد دانشماند" حيث يقول: "إن هذا الزلزال الهائل الذي كان متوجهًا من الجنوب إلى الشمال والذي أستمر لمدة دقيقة تقريبًا كما ذكرت جريدة (ترجمان الحقيقة) في اليوم التالي له، قد أدى لتلف وتخريبات كبيرة، فقد تهدم كثير من الجوامع والمنائر والمدارس ومراكز الشرطة والمباني والخانات -الفنادق-. كما مات خمسة أطفال في مدرسة ابتدائية، وبعض من المارة عندما سقطت عليهم الجدران. وقد كلف السلطان على الفور وزارة الداخلية ورئاسة البلدية والصحة بإبداء المساعدة الفورية، وافتتح سجل لجمع التبرعات حيث بلغت التبرعات في خمسة أشهر وتسعة عشر يومًا 82874 ليرة ذهبية، دفع منها السلطان الجزء الأكبر".

ويصف آخر وهو الشاعر التركي المعروف "عبد الحق حامد" المشهد: "كنت على متن باخرة "الشركة الخيرية" وقد رأينا منظرًا عجيبًا كان أن يفقدنا عقولنا، حيث كانت البيوت تتهدم والسقوف تنهار والمنائر تهوي. كان الزلزال عنيفًا إلى درجة حسبنا بأن القيامة قد قامت."

كان السلطان في هذه الأثناء في قصر يلدز في صالون استقبال المهنئين بالعيد، يجلس تحت "ثريا" تبلغ من الوزن عدة أطنان يستقبل المهنئين من السفراء، وحوله كبار الضباط والوزراء ورجال الدولة. وفجأة وقع الزلزال العنيف، وبدأ الناس يتراكضون وعمت الفوضى كل المكان. حتى إن الضباط تراكضوا إلى النوافذ القريبة يكسرون زجاجها بأعقاب أحذيتهم؛ كي يلقوا بأنفسهم للحديقة، وبدأت "الثريا" الكبيرة تتحرك بقوة وعنف كبندول الساعة.

كان السلطان الشخص الوحيد المتمالك لأعصابه، إذ لم يقم ولم يتحرّك من مكانه، بل بقي هادئًا وقورًا الوقار اللائق بخليفة المسلمين، تتحرك شفتاه بتلاوة بعض آيات من القرآن الكريم.

ب- حادثة القنبلة: 21/7/1905

وهي محاولة لاغتيال السلطان، وذلك بوضع 80 كغم من المتفجرات مع 20 كغم من قطع الحديد في عربة أوقفت في فناء الجامع الذي كان السلطان يصلي فيه الجُمع، ووقّتت القنبلة بحيث تنفجر في الوقت الذي يصل فيه السلطان للعربة، وقد تأخر السلطان قليلًا في الخروج فانفجرت القنبلة والسلطان بعد في المسجد، محدثة دويًا هائلًا تردد صداه من أقصى إسطنبول إلى أقصاها، حيث قتل في هذا الانفجار 26 شخصا وجُرح 58 ونفقت ما يقرب من 20 من الخيول. وفي هذا الموقف الرهيب الذي ساد فيه الهرج والمرج وتراكض الضباط والجنود والناس خوفًا وهلعًا يريدون النجاة بأنفسهم بقي السلطان هادئًا ساكنًا.

يصف الأميرال "هنري وودس" في مذكراته هذه الحادثة فيقول: "لم أكن بعيدًا عن السلطان ... في هذه الأثناء فسمع دوي كصوت عدة مدافع، واهتزت الأرض من تحت رجلي. دهشت من رباطة جأش السلطان، وفجأة شاهدت العديد من الأشخاص الذين هرولوا داخل جامع يلدز والدماء تنزف من وجوههم وأيديهم، .... ولكن عندما نظرت إلى فناء الجامع الذي كان السلطان ينظر إليه، ارتعشت من الدهشة، كان الفناء كأنه ساحة حرب دمرتها المدافع، فهناك تناثرت أجساد الخيول وقطع الخشب والعربات، وأجساد السائسين المساكين الراقدة دون حياة.

وبعد قليل عرف الجميع مدنيين كانوا وعسكرين بأن السلطان سليم معافى، فلم يتمالكوا أنفسهم أتراكًا وأجانب من الفرح، وبدأوا بالهتاف: "عاش السلطان .. عاش السلطان" ثم توجه السلطان إلى عربته بكل هدوء ورباطة جأش، وقادها بنفسه، وكانت تقاطيع وجهه غاية الهدوء".

أما تحسين پاشا -رئيس دائرة الكتابة في قصر يلدز- في مذكراته فيقول بعد شرح الحادثة: "ماذا شعر السلطان آنذاك؟ لا أستطيع الإجابة في هذا السؤال، ولكن لا يستطيع أحد إنكار بأنه أبدى شجاعة خارقة، ولم يظهر أي نوع من أنواع الانفعال أو الخوف، واكتفى بسؤال: ماذا هناك؟ وعندما أقترب من عربته ورأى الاضطراب والهلع هتف بصوته الجهوري: "لا تخافوا! لا تخافوا!".(21)

السلطان بايزيد الثاني

 وقصة الامامة في المسجد!!

يعد جامع (يزيد) من أكبر وأفخم وأجمل الجوامع الموجودة في (اسطنبول) والساحة القريبة. أخذت اسمها منه فهي (ساحة بايزيد) وتقع جامعة اسطنبول بالقرب من هذا الجامع.

باني هذا الجامع هو : السلطان (بايزيد الثاني) (1447م - 1512م) ابن السلطان (محمد الفاتح) ، وهو والد السلطان (سليم الأول) الملقب بـ (ياووز) ، أي هو جد السلطان سليمان القانوني.كان هذا السلطان تقياً ورعاً .

عندما أكمل بناء جامع بايزيد وتم فرشه ، جاء يوم افتتاحه بالصلاة فيه ، ولكن من سيقوم بإمامة المصلين في هذه الصلاة ؟ أيوّم الناس الإمام المعيّن لهذا الجامع ؟ أم شيخ الإسلام ؟ أم أحد العلماء المعروفين ؟ لم يكن أحد يعلم ذلك ، وكان الجميع في انتظار من يتقدم إلى الإمامة.

 عندما اصطفت الصفوف وقف إمام الجامع وتوجّه إلى المصلين قائلاً لهم : ليتقدم للإمامة من لم يضطر طوال حياته لقضاء صلاة فرض ، أي : من صلى الصلوات الفرض في أوقاتها طوال حياته.

دهش الحاضرون من هذا الشرط ، وبدأ بعضهم يتطلع لبعض ، وبعد انتظار دقيقة ، أو دقيقتين شاهد المصلون السلطان (بايزيد الثاني) وهو يتقدم للإمامة بكل هدوء ، ثم يكبر لصلاة الجماعة بكل خشوع.

 أجل ... كان السلطان هو الشخص الوحيد من بين الحاضرين الذي لم تفته أبداً أي صلاة من صلوات الفرض ، ثم يكبر لصلاة من صلوات الفرض ، لذا لقبه الشعب بـ (السلطان الولي).(22)

السلطان محمد الفاتح

السلطان الذي قبّل يد شيخه!!

كان السلطان (محمد الفاتح) يكن لأستاذه الشيخ (آق شمس الدين) مشاعر الحب ، والإجلال ، والتوقير ، ويزوره على الدوام ، حيث يستمع لأحاديثه ونصائحه ، ويستفيد من علمه الغزير. وكان أستاذه هذا مهيباً لا يخشي سوى الله ، لذا فإنه عند قدوم السلطان (محمد الفاتح) لزيارته ، لا يقوم له من مجلسه ، ولا يقف له. أما عند زيارته للسلطان (محمد الفاتح) فقد كان السلطان يقوم له من مجلسه توقيراً له ، واحتراماً ويجلسه بجانبه. وقد لاحظ ذلك وزراء السلطان وحاشيته ، لذا لم يملك الصدر الأعظم (محمود باشا) من إبداء دهشته للسلطان فقال له : لا أدري يا سلطاني العظيم ، لم تقوم للشيخ (آق شمس الدين ) عند زيارته لك ، من دون سائر العلماء والشيوخ ، في الوقت الذي لا يقوم لك تعظيماً عند زيارتك له ؟!.

فأجابه السلطان : أنا أيضاً لا أدري السبب ... ولكني عندما أراه مقبلاً علي ، لا أملك نفسي من القيام له ... أما سائر العلماء والشيوخ ، فإني أراهم يرتجفون من حضوري ، وتتلعثم ألسنتهم عندما يتحدثون معي ، في الوقت الذي أجد نفسي أتلعثم عند محادثتي الشيخ (آق شمس الدين).

وفي فتح القسطنطينية أراد السلطان أن يكون شيخه بجانبه أثناء الهجوم فأرسل إليه يستدعيه، لكن الشيخ كان قد طلب ألا يدخل عليه أحد الخيمة ومنع حراس الخيمة رسول السلطان من الدخول، وغضب محمد الفاتح وذهب بنفسه إلى خيمة الشيخ ليستدعيه ، فمنع الحراس السلطان من دخول الخيمة بناءً على أمر الشيخ ، فأخذ الفاتح خنجره وشق جدار الخيمة في جانب من جوانبها ونظر إلى الداخل فإذا شيخه ساجداً لله في سجدة طويلة وعمامته متدحرجة من على رأسه وشعر رأسه الأبيض يتدلى على الأرض ، ولحيته البيضاء تنعكس مع شعره كالنور ، ثم رأى السلطان شيخه يقوم من سجدته والدموع تنحدر على خديه ، فقد كان يناجي ربه ويدعوه بإنزال النصر ويسأله النصر ويسأله الفتح القريب.

وعاد السلطان محمد (الفاتح) عقب ذلك إلى مقر قيادته ونظر إلى الأسوار المحاصرة فإذا بالجنود العثمانيين قد أحدثوا ثغرات بالسور تدفق منها الجنود إلى القسطنطينية ، ففرح السلطان بذلك وقال: ليس فرحي لفتح المدينة إنما فرحي بوجود مثل هذا الرجل في زمني.

وذكر الإمام الشوكاني صاحب البدر الطالع أنه بعد يوم - من الفتح - جاء السلطان إلى خيمة ( آق شمس الدين) شيخه وهو مضطجع فلم يقم له ، فقبّل السلطان يده وقال له : جئتك لحاجة، قال : وما هي ؟ قال: أن ادخل الخلوة عندك، فأبى، فأبرم عليه السلطان مراراً وهو يقول: لا. فغضب السلطان وقال: إنه يأتي إليك واحد من الأتراك فتدخله الخلوة بكلمة واحدة وأنا تأبى علي ، فقال الشيخ : إنك إذا دخلت الخلوة تجد لذة تسقط عندها السلطنة .. فتختلّ أمورها فيمقت الله علينا ذلك ، والغرض من الخلوة تحصيل العدالة ، فعليك أن تفعل كذا وكذا - وذكر له شيئاً من النصائح - ثم أرسل إليه ألف دينار فلم يقبل ، ولما خرج السلطان محمد خان قال لبعض من معه : ما قام الشيخ لي. فقال له: لعله شاهد فيك من الزهو بسبب هذا الفتح الذي لم يتيسّر مثله للسلاطين العظام، فأراد بذلك أن يدفع عنك بعض الزهو.(23)

لارسال مواد واخبار لموقع قسماوي نت البريد: info@kasmawi.net

اضف تعقيب

ارسل