دمعة وذكرى .... إلى كلّ شهيد ... بقلم – مفلح أبو جابر

دمعة وذكرى .... إلى كلّ شهيد ... بقلم – مفلح أبو جابر

أبحرت الشمس في لجّة الشفق الأحمر، وتدلّت وراء المغيب ملقيةً بنفسها بين أحضان الكون الواسع ، فتراخت جفون الليل ، وأسبل عيونه على بحر من الذكريات الأليمة والآهات العميقة الّتي أقضّت مضجعه واستنزفت قواه، فانزلقت من تحت الأهداب دمعة حبيسة كانت تسري في جسد الماضي وتنتقل عبر الزمن مع كلّ يوم جديد.

دمعة لم تجفّ، حملت في رَحِمِها ذكرى مريرة عبر سنين طويلة ، ذكرى تمدّدت من الماضي إلى الحاضر فأطبقت صفحة الحاضر على الماضي، وألغت الفوارق بين الاثنين حتّى عادا الشيء ذاته.

دمعة وذكرى.... إنّه تاريخ هذه الأرض ، دمعة تنزلق في كلّ ذكرى، وذكرى تتأجّج في كلّ دمعة.

دمعة انسابت على تجاعيد ذكرى، فبعثتها من جديد  " ليحيا الشهيد، ليحيا الشهيد " .

هنيئا لك أيّها الشهيد هذا العلوّ، وتَعسا لك أيّها السفّاح ذاك الدنوّ، فالمسافة بينكما تمتدّ بين طرفي الزمن، فلا تزالان في تنافر وتباعد، فلن يكون هناك لقاء، شهيد ينعُمُ في السماء ،وسفّاح يشقى بلا رجاء.

يتقلّب الليل في مرقده، وعبثا يحاول الهروب إلى النوم، والخلود إلى السكينة، فعين الشهيد تراقبه، وروح الشهيد تحلّق في الآفاق ، ودم الشهيد سيظلّ يلاحق الجلّاد ويلعن السفّاح.